لا يقتصر موضع اليتيم على مقال واحد فقط، بل من الواجب علينا أن نكرّس حضورنا بالمشاركة الوجدانية وزرع الابتسامة في وجه كلّ يتيم، فهو الابن والأخ والصديق، وشخصية اليتيم لا تختلف عن شخصية الآخر، فعندما تقوم بزيارة إحدى دور الأيتام التي أنشأتها حكومتنا الرشيدة، تجد الجو الأسري الاجتماعي المفعم بالحب والتعاطف والإنسانية .. جو وتعايش أُسري حتى لا يحس أو يشعر اليتيم بالعزلة والاغتراب داخل المجتمع.
ومملكتنا الغالية شعارها الإنسانية، فقد عملت ولا تزال بإنشاء الدور التي تحتضن اليتيم، ووضعت جميع الأنشطة داخل محيط (دار اليتيم) بوجود المعلمين ليزاول اليتيم التعليم ودعمه للتفوق ومواكبة العلم، وأيضاً مزاولة الأنشطة الأخرى كالرياضة وغيرها لخلق سبل الراحة لليتيم.
نحن ولله الحمد مجتمع يحيط بنا العاطفة، هذه العاطفة لا تختص لأحد معيّن وإنما عاطفة شاملة تتسم بالإنسانية وبث آفاق مفهوم الإحسان.
وزارة الشئون الاجتماعية إمكاناتها واسعة ورسالتها هادفة، تعمل للأسرة والمجتمع، واليتيم جزء من المجتمع، له الحق بأن يعيش الأجواء، له الحق بأن يتمنى مثل الغير، والاحتفال لليتيم بجميع المناسبات والندوات التي تنعقد في مملكتنا والمختصة لليتيم، هو جزء بسيط من مملكة الإنسانية من الاهتمام الأوسع لعمل الخير، ويشمل هذا الاحتفال لليتيم من الجنسين بوضع برامج وأنشطة متعددة بمشاركة اليتيم بجميع مراحلهم العمرية، وتعطي تلك المشاركات دافعاً قوياً لليتيم ودعم شخصيته مع المجتمع، وتجد تلك المشاركات للنفع لليتيم.
إن واجب كل مسلم أن يعطي اهتماماً واسعاً لهذا اليتيم، والمؤسسات الاجتماعية الخيرية وجمعيات الأيتام ودور الأيتام مليئة بالأيتام، ونجد مشاركة فعالة من قِبل أهل الخير، فقد كرّسوا دعمهم والوقوف بجانب اليتيم، بل هناك الإيواء من قِبل بعض الأسر باحتضانهم اليتيم بدفع مبلغ سنوي لكفالة اليتيم، وهناك المؤسسات الخيرية التي تحتضن الكثير من الأيتام وعمل الواجب لهم، وأيضاً لا ننسى الدور الملموس والذي يقوم به صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ورئيس الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام (إنسان)، وهي مؤسسة مكملة للمؤسسات والجمعيات الخيرية، مؤسسة أنشئت لاحتضان اليتيم ودورها إيجابي وأعمالها في تزايد، وقد تشرفت بأكثر من مناسبة بالحديث مع المدير العام للجمعية الأستاذ صالح اليوسف، وقد أفاد بأنّ العمل واجب علينا ولا نريد إلاّ الجزاء والثواب من رب العالمين وهذا هو المبتغى، والدعم من وجوه الخير من الدعم المادي متواصل والجمعية لا تزال تعمل لأجل الرسالة الإنسانية، وفروعها سوف تزداد وفي القريب العاجل.
رجال الأعمال يرجون الثواب من عند الله، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى)، وقال جل شأنه: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}أي كما كنت يتيماً فآواك الله فلا تقهر اليتيم ولا تذله وتنهره وتهينه، ولكن أحسن إليه وتلطّف به (تفسير بن كثير)، وقال قتادة: (كن لليتيم كالأب الرحيم ..).
وهناك الدعم المادي من قِبل رجال الأعمال، دعم سنوي لأفرع الجمعيات والمؤسسات التي تختص باليتيم، فاليتيم يحتاج ويفتقد لبعض الأمور التي هو بأمسّ الحاجة إليها، المشاعر والأحاسيس لا تبتعد عن اليتيم، ولا يختلف عن أقرانه من المجتمع، والدور النفسي هو أفضل طريقة لثبات حال اليتيم، وهذا يأتي بالدعم المعنوي بزرع الابتسامة بوجه اليتيم وتناول الطعام ومشاركته، فهو فاقد الأب والأم، ويجب أن يتعايش ونخلق له جواً أسرياً محقاً بأن يكون بين أهله، لأنّ التعاطف والتكافل والرحمة هي من سمات المسلم.
فنتمنى من الله أن يكتب لنا القيام بعمل الواجب لإخواننا، فالأيتام بأمسّ الحاجة للوقوف معهم.